إذا كنت من رواد الصالات الرياضية التي تعمل بالأوزان، فأنت على الأغلب لن تفقد الدهون فحسب، بل ستبني عضلات في جميع أنحاء جسدك، ولعلك تساءلت في يوم ما عن الميكانيزمات التي تجعل العضلات تنموا، والأسباب التي تمنع هذا النمو عند النساء، إذا كان الجواب نعم فهذه المقالة العلمية الموثقة موجهة لك.
على الرغم من توفر الجسم على أنواع مختلفة من العضلات، مثل عضلة القلب، فإننا نتحدث خصيصا عن العضلات الهيكلية، التي تتكون من لييفات تشبه الخيوط تتوفر على بنية جزيئية تدعى الساركومير، وهي الوحدة البنيوية والوظيفية الأساسية للانقباض العضلي.
تتقلص الـ600 عضلة هيكلية عندما تتلقى إشارات عصبية من المركز العصبي الحركي (الدماغ)، لتقوم بأداء مهمتها سواء كانت الحركة أو القفز أو رفع وزن لأداء أحد تمارين كمال الأجسام…
عندما يتمكن لاعب رفع أثقال مثلا من رفع وزن عالي بسهولة رغم أنه لايمتلك عضلات ضخمة، فذلك يرجع إلى قدرته على تنشيط خلاياه اللييفية وتقلص عضلاته بشكل أفضل، لهذا نجد أن لاعبي رفع الأثقال يرفعون أوزان عالية مقارنة بلاعبي كمال الأجسام رغم أن حجمهم العضلي أكبر.
تساعد الوحدة البنيوية الأساسية للإنقباض العضلي (الساركومير) على توضيح سبب سهولة أداء بعض الحركات بأوزان معينة كلما تقدمت في الممارسة.
كيف تنمو العضلات؟
النمو العضلي فيزيولوجيا
بعد قيامك بحصة من التمارين الرياضية الشاقة، يبدأ جسدك بإصلاح الضرر الذي لحق بالألياف العضلية، من خلال عملية خلوية يتم فيها دمج الألياف العضلية مع بعضها لتشكيل فروع جديدة من البروتين العضلي أو اللييفات العضلية. هذه الأخيرة تزداد سمكا وعددا لخلق نمو عضلي.
يحدث نمو العضلات كلما كان معدل تخليق البروتين العضلي أكبر من معدل الهدم. هذا التكيف، لايحدث عندما تكون في الجيم، بل في أوقات الراحة وخاصة أثناء النوم.
إذن كيف يقوم الجسم بزيادة الكتلة العضلية عند توفر البروتين والراحة؟ هنا يأتي دور الخلايا الساتلية، التي تتفعل وتساعد على إضافة أنوية إلى الخلية العضلية، وكنتيجة، تساهم بشكل مباشر بنمو اللييفات العضلية. تفعيل هذه الخلايا الساتلية من عدمه، لربما هو من يعطي الفرق بين من يستطيع بناء العضلات بسهولة ومن يجد صعوبة في ذلك.
في واحدة من أكثر الدراسات إثارة للاهتمام، أظهر الباحثون أن ذوي الإستجابة السريعة لنمو العضلات، الذين تنموا عضلاتهم بشكل سريع بنسبة %58، قاموا بتنشيط %23 من الخلاية الساتلية الخاصة بهم، بينما المستجيبين المتواضعين، الذين لديهم نمو بحوالي %28، ينشطون فقط %19 من خلاياهم الساتلية.
والأكثر غرابة، هو أن الأشخاص منعدمي الإستجابة للنمو العضلي، ظهر عندهم %0 من ازدياد اللييفات العضلية، و %0 من تفعيل الخلايا الساتلية.
بالتالي، يتضح أنه كلما تفعلت خلاياك العضلية الساتلية، إلا وازداد بناء العضلات، ليصبح السؤال هو كيف يمكن رفع معدل تفعيل الخلايا الساتلية؟
3 آليات تجعل العضلات تنموا
وراء كل تطور عضلي طبيعي مفتاح أساسي، هو القدرة على الإستمرار في مزيد من الضغط على العضلات، هذا الضغط هو عنصر رئيسي يشارك في نمو العضلات ويعطل التوازن داخل جسمك، يسبب الإجهاد ومنع التكيف ثلاث آليات رئيسية تحفز نمو العضلات.
1. التوتر العضلي
من أجل إنتاج عضلي، يجب عليك تطبيق حمل أكبر من الإجهاد مما كان جسمك أو عضلاتك قد تكيفت معه في السابق، كيف يمكن ذلك؟ الطريقة الأساسية هي رفع الأوزان، أو يمكن كذلك تغيير نمط التمرين من خلال إنقاص مدة الراحة بين الجولات أو رفع التكرارات بنفس الأوزان السابقة.
هذا التوتر العضلي الإضافي يسبب تغيرا في كيمياء العضلة، مما يؤدي إلى السماح لعمليات النمو التي تشمل تفعيل الخلايا الساتلية.
التوتر العضلي يؤثر أيضا بشكل كبير على اتصال الوحدات الوظيفية (السارتومير) مع الألياف العضلية. وهذا يوضح سبب قدرة بعض الأشخاص على أن يكونوا أقوى، رغم أنهم ليسوا بحجم ممارسي كمال الأجسام.
إقرأ أيضا: الفرق بين تمارين القوة وتمارين التحمل
2. تلف العضلات
إذا شعرت بالآلام بعد ممارسة التمارين الرياضية، فهذا بسبب الضرر الموضعي الذي لحق بالعضلة المستهدفة، حيث يسبب تلف العضلات المحلي هذا إطلاق جزيئات تحريضية وتحفيز خلايا الجهاز المناعي من أجل تنشيط الخلايا الساتلية للقفز إلى العمل.
هذا لايعني أنه من الضروري الشعور بالآلام حتى يحدث كل هذا التنشيط، ولكن يجب فقط أن تتأكد من إجهاد عضلاتك بشكل كافي أثناء التمرين، ومن ناحية أخرى، عادة ما يقل الألم بعد التمرين لمدة طويلة بسبب عوامل فيزيولوجية أخرى.
3. الإجهاد الأيضي
إذا شعرت مسبقا بحرق بعد التمرن أو ضخ دموي للعضلة المستهدفة مصحوب بانتفاخ، عندها قد حدتث لك آثار الإجهاد الأيضي. فالإجهاد الأيضي يسبب تورم الخلية، مما يساعد على النمو العضلي بدون الحاجة إلى زيادة حجم الخلايا العضلية، وهذا بفضل الكربوهيدرات المستهلكة، التي تساعد على انتفاخ العضلات مع نمو النسيج الضام.
يعرف هذا النوع بالتضخم الساركوبلازمي، وهو أحد الطرق التي يمكن أن يحصل بها الناس على بروز عضلي أكبر دون زيادة في القوة.
الآن أنت على علم بالميكانيزمات الثلاث للبناء العضلي، السؤال التالي هو : كيف تتدخل الهرمونات في بناء عضلات الجسم؟
إقرأ أيضا : حماية الكتلة العضلية من الهدم
كيف تؤثر الهرمونات على نمو العضلات ؟
الهرمونات هي عنصر آخر مسؤول إلى حد كبير عن نمو العضلات وإصلاحها بسبب دورها في تنظيم نشاط الخلايا الساتلية. عامل نمو الإنسولين IGF)-1) و التيستوستيرون، هما أهم آليتين تعززان نمو العضلات.
هرمون التستوستيرون هو الهرمون الرئيسي الذي يفكر به معظم الناس عند التعامل مع الأوزان، ويبدو أن هناك بعض الصلاحية لفكرة أن التستوستيرون يزيد من تخليق البروتين، ويحول دون انهيار البروتين، وينشط الخلايا الساتلية، ويحفز الهرمونات المنشطة الأخرى.
يبدو أن تدريب القوة لا يساعد فقط على إفراز المزيد من التستوستيرون، ولكن أيضًا يجعل مستقبلات الخلايا العضلية لديك أكثر حساسية للتستوستيرون الحر.
يمكن التستوستيرون أيضا من تحفيز استجابات هرمون النمو عن طريق زيادة وجود الناقلات العصبية في موقع الألياف التالفة، والتي يمكن أن تساعد على تنشيط نمو الأنسجة.
عامل النمو IGF ينظم كمية نمو الكتلة العضلية من خلال تحسين عملية تخليق البروتين، بتسهيل امتصاص الجلوكوز، وإعادة تقسيم امتصاص الأحماض الأمينية (اللبنات الأساسية للبروتين) إلى العضلات الهيكلية و ينشط الخلايا الساتلية لزيادة حجم العضلات.
لماذا العضلات تحتاج إلى الراحة من أجل النمو؟
إذا كنت لا تزود جسمك براحة أو تغذية كافية، يمكنك في الواقع عكس عملية البناء ووضع جسمك في حالة هدم. فاستجابة التمثيل الغذائي للبروتين العضلي بعد تمارين المقاومة تستمر لمدة 24-48 ساعة. وبالتالي ، فإن التفاعل بين التمثيل الغذائي للبروتين وأية وجبات طعام مستهلكة في هذه الفترة سيحدد تأثير النظام الغذائي على تضخم العضلات.
ضع في اعتبارك أن هناك حدًا معينًا لمدى نمو العضلات في الواقع اعتمادًا على الجنس والعمر والوراثة. على سبيل المثال، الرجال لديهم نسبة أعلى من التستوستيرون مقارنة بالنساء، مما يسمح لهم ببناء عضلات أكبر وأقوى.
إقرأ أيضا: الإستشفاء العضلي : ماهو؟ وكيف تقوم بتسريعه؟
لماذا تنموا العضلات بشكل بطيء؟
تضخم العضلات يستغرق وقتا طويلا وبطيئا نسبيا بالنسبة لغالبية الناس. لن يرى الناس بشكل عام نموًا مرئيًا لعدة أسابيع أو أشهر نظرًا لأن معظم التغييرات الأولية ترجع إلى قدرة الجهاز العصبي على تنشيط عضلاتك.
بالإضافة إلى ذلك، هناك أشخاص مختلفون لديهم جينات مختلفة، تتحكم بالإنتاج الهرموني ونوع الألياف العضلية وعددها، إلى جانب تنشيط الخلايا الساتلية، والتي يمكن أن تحد من نمو العضلات. للتأكد من أنك تبذل قصارى جهدك لبناء العضلات، يجب أن يتجاوز تخليق البروتين العضلي تفككه.
هذا يتطلب أن تأخذ من مصدر مناسب للبروتين (وخاصة الأحماض الأمينية الأساسية) والكربوهيدرات للمساعدة في تسهيل العملية الخلوية لإعادة بناء الأنسجة العضلية المقطوعة.
يمكن لنمو العضلات المرئي والتغييرات الجسدية الواضحة في بنية عضلات الجسم أن تكون محفزة للغاية، وهذا هو السبب في أن فهم العلوم الكامنة في كيفية نمو العضلات أمر مهم.
خلاصة حول العلم وراء النمو العضلي
يجب أن تمنع عضلاتك على التكيف عن طريق خلق ضغط مختلف عن العتبة السابقة التي تم تكييف جسمك لها بالفعل.
يمكن القيام بذلك عن طريق رفع أوزان أثقل، وتغيير تدريباتك باستمرار حتى تتمكن من إتلاف المزيد من ألياف العضلات الكلية ودفع عضلاتك إلى التعب أثناء الحصول على ضخ دموي للعضلات المستهدفة.
بعد الانتهاء من التمرين، يبدأ الجزء الأكثر أهمية وهو الراحة وتوفير الوقود الوافر لعضلاتك حتى تتمكن من التجديد والنمو.
المصادر :
Young sb Kwon, M. a. (2004). How do muscles grow?
Petrella JK, Kim JS, Mayhew DL, Cross JM, Bamman MM. Potent myofiber hypertrophy during resistance training in humans is associated with satellite cell-mediated myonuclear addition: a cluster analysis.
J Appl Physiol. 2008;104(6):1736-42 Schoenfeld BJ. The mechanisms of muscle hypertrophy and their application to resistance training.
J Strength Cond Res. 2010;24(10):2857-72 Kraemer WJ, Ratamess NA. Hormonal responses and adaptations to resistance exercise and training.
Sports Med. 2005;35(4):339-61 Tipton KD, W. E. (2001). Exercise, protein metabolism, and muscle growth. Int J Sport Nutr Exer Metab, 109-32,.