يؤمن الكثير من المتدربين بمقولة “لا ألم لا مكاسب” أو “No pain No gain” ، في حين أنها مقولة محفزة وتدفع نحو الصبر والتطور، إلا أن تبعاتها خطيرة جدا إذا تم تطبيقها على كمال الأجسام والفتنس.
في هذه المقالة سنهدم هذه المقولة ونتعمق أكثر في العلم وراء الألم بعد التمرين.
الألم بعد التمرين
ماهو الألم بعد التمرين؟
يُعرف ألم العضلات الناتج عن التمرين بآلام العضلات المتأخرة (DOMS). عادة ما تستغرق 24-48 ساعة حتى تشعر بها، وتستمر مابين 24-72 ساعة. إذا استمر الألم لمدة أطول من 5 أيام فيمكن أن يكون علامة على تلف عضلي يتطلب استشارة طبية.
لماذا يحدث الألم بعد التمرين؟
من المفاهيم الخاطئة الشائعة أن حمض اللاكتيك هو السبب الرئيسي لآلام العضلات المتأخرة، لكن أظهر البحث الذي تم إجراؤه على العدائين عدم حصول ألم عضلي متأخر بعد تمارين ذات كثافة عالية تم أداؤها على أرض مستوية (الكثير من حمض اللاكتيك)، في حين أظهرت نفس الدراسة حصول ألم عضلي متأخر ملحوظ بعد أن قام المتدربين بالجري في منحدر بكثافة منخفضة (القليل من حمض اللاكتيك).
السبب الذي يجعل الجري على المنحدر يسبب ألما في العضلات هو أنه يتطلب قدرًا كبيرًا من الإطالة (الحركة السلبية) لمقاومة سحب الجاذبية التي سببها الجري في المنحدر.
على سبيل المثال، الحركة التي تأتي بعد تقليص البايسبس في تمرين الكيرل تسمى الحركة السلبية، أي عندما تنزل الدامبل من أعلى كتفك إلى الأسفل، فأنت تؤدي جزء الإستطالة من التمرين، وعكس مايعتقد الكثيرين أنه جزء غير مهم، إلا أنه في الواقع، إذا كنت تستخدم 100 ليف عضلي لرفع الوزن أثناء مرحلة الإنقباض، فستستخدم 80 ليف لخفضه أثناء مرحلة الإطالة، الشيء الذي يضاعف الضرر العضلي ويسبب المزيد من الألم المتأخر.
هل الألم بعد التمرين مؤشر على فعالية البرنامج؟
كلا، حصول الألم المتأخر في برنامجك بشكل مستمر دليل على وجود خطأ ما وليس ميزة، فالجسم لديه القدرة على التأقلم مع المجهود التدريبي المطبق، والإستمرار بالشعور بالألم دليل على أنك لاتتقدم لأن جسمك لم يتأقلم بعد مع البرنامج التدريبي.
ستكون أكثر عرضة للألم المتأخر بعد التمرين في هذه الحالات:
- البدأ في التدريب أو العودة للتدريب بعد انقطاع طويل.
- تغيير البرنامج بشكل مستمر.
- رفع شدة وكثافة التمرين.
إذا ماهي النقطة المشتركة بين جميع هذه الحالات؟ نعم، إنها عدم تأقلم الجسم مع المجهود التدريبي، لذلك الألم بعد التمرين هو عيب أكثر من كونه ميزة.
قد تتساءل الآن، أليس من الجيد عدم ترك الجسم ليتأقلم مع البرنامج التدريبي؟ وسأخبرك أنك على صواب، لكن إلى أي حد؟
من الجيد رفع الحجم التدريبي لدفع عضلاتك نحو التطور المستمر، لكن إذا استمررت في الدفع للأمام بشكل مستمر دون ترك فرصة لعضلاتك على التأقلم مع الأوزان الجديدة فأنت تبطئ تتطورك وليس العكس، فلا يمكن للعضلة التطور وهي لم تعتد على المستوى السابق بعد.
عند حرمان عضلاتك من التأقلم لديك احتمالان، الأول هو فقدان التقدم المحقق بسرعة والثاني هو التعرض للإرهاق وفقدان الحافز أو حتى الإصابة.
كيف تتجنب الألم بعد التمرين؟
واحد من أفضل الوسائل لتقليل الألم المتأخر هو التدرج، فعند البدء في التدريب لاتندفع بكل قوة بل ضع خطة ترفع فيها الشدة بشكل مستمر حتى تصل للمستوى الذي يرضيك، ونفس الأمر ينطبق على الأشخاص العائدون للتدريب بعد الإنقطاع.
أما بالنسبة للمتدربين المستمرين، فمن خلال الإستمرار في برنامج تدريبي واحد وتعديله فقط إذا تطلب الأمر ذلك، عندها ستختبر الألم المتأخر فقط عندما ترفع الحجم التدريبي وليس بشكل دائم.
وفي حالة حدوث ألم متأخر، طبق هذه النصائح الفعالة في تقليل الألم وتسريع عمليات الإستشفاء العضلي:
- تناول كفايتك من البروتينات.
- خذ قسطا من الراحة (نوم كافي وعالي الجودة، تقليل النشاطات البدنية)
- خذ حماما مريحا أو قم بجلسة ماساج.
إقرأ المزيد: كيف تسرع استشفاء العضلات؟
كيف تفرق بين الألم العادي والألم المرضي؟
إذا كان الألم يرافقه بول داكن، فهذه علامة خطيرة على حدوث هدم عضلي شديد نتيجة التدريب القاسي، حيث يمكن أن يسبب تضرر الكليتين.
إذا بدأ الألم أثناء التمرين أو بعده مباشرة، فهذا ليس طبيعيًا. الألم الذي يحدث أثناء التمرين هو علامة على وجود مشكلة في التمرين. يجب النظر إلى هذا النوع من الألم على أنه إشارة من جسمك لوقف النشاط قبل حدوث تلف خطير في المفاصل أو العضلات.
الألم الذي يستمر لأكثر من 5 أيام هو ألم غير عادي ويجب التفكير في الأخطاء التي قمت بها مسبقا وتجنبها مستقبلا، إضافة لذلك، الألم الذي يمنعك عن مزاولة نشاطاتك العادية بشكل طبيعي ويسبب لك الكثير من الإنزعاج يجب الإنتباه له.
خلاصة
الألم بعد التمرين جيد وسيء في نفس الوقت!
في حين كونه مؤشر على تطورك من خلال قدرتك على رفع الحجم التدريبي بشكل مستمر، فقد يكون أيضا مؤشرا لخطأ ما، وتشتد خطورة الخطأ حسب الأعراض.
في النهاية، الأمر يعتمد على مهارتك في الإستماع لجسمك، وإدراك متى يكون الألم جيدا ومتى يكون سيئا.